الاحداث- ةتبت رلى الراهيم في صحيفة الاخبار تقول:"كشفت جلسة مجلس النواب لمناقشة السياسات العامة للحكومة، أمس، إفلاس الفريق «الإصلاحي» المزعوم، ممثَّلاً بـ«القوات اللبنانية» وحزب الكتائب وبعض التغييريّين والمستقلّين، الذين عجزوا عن تقديم أي تبرير منطقي لفشل حكومتهم في تنفيذ وعودها الإصلاحية.
لذلك، كالعادة، هرب هؤلاء إلى ترداد ببغائي لعبارة واحدة: «سلاح حزب الله يمنع الإصلاح»، وكأنّ السلاح هو ما يحول دون استعادة الأموال المنهوبة، أو إقرار قانون الفجوة المالية، أو تطبيق استقلالية القضاء، أو حتى كأنهم تحت تهديد هذا السلاح تحاصصوا التعيينات ورموا الآلية التي أعدتها حكومتهم في سلة المهملات!
هكذا، يحاول هذا الفريق تعليق عجزه على شمّاعة السلاح، ويتعامل مع جمهوره بقدر غير مسبوق من الاستغباء، وبخطاب خاوٍ يفتقر إلى أي مضمون فعلي، باستثناء الاستثمار في العداء السياسي والتصويب الممنهج على المقاومة، تهرّباً من المسؤولية، إذ يُفترض بهذا الجمهور أن يصدّق أن غياب حصرية السلاح يحول دون حصوله على الماء والكهرباء، ويمنع وزير الخارجية من إدانة جرائم العدو واستدعاء من يهدّد كيان لبنان بضمّه إلى بلاد الشام، ويعرقل تحرير الأملاك العامة البحرية، ويقف حائلاً دون تحسين أوضاع المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية ودون توفير شبكة أمان صحية... وغير ذلك كثير مما ورد في قائمة الإصلاحات التي وعدت بها حكومة الرئيس نواف سلام في بيانها الوزاري، ولم تتمكّن من تنفيذ أي بند منها بعد خمسة أشهر على تشكيلها.
وعندما وجدت الأحزاب المشارِكة في الحكومة نفسها محاصرة بتناقضاتها ومحرَجة من نفاقها السياسي، قبل تسعة أشهر فقط من الانتخابات النيابية، لم تجد أمامها سوى تعليق فشلها على شمّاعة السلاح، رغم أن هذه القوى نفسها - وعلى رأسها «القوات اللبنانية» - لطالما هاجمت أداء الحكومات السابقة.
رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل حمّل مسؤولية العجز في استعادة الودائع وتحقيق الإصلاح المالي إلى غياب الأموال، والسبب، بطبيعة الحال، هو سلاح حزب الله.
فياض: المقاومة وليدة غياب الدولة... والضغط على الحكومة والعهد للاصطدام مع مكوّن لبناني لن يمر
ومع أن الجميّل نفسه كان حتى الأمس القريب يدعو إلى إسقاط الحكومات السابقة، مطالباً بحكومة «سيادية» قادرة على جذب الدعم الخليجي والغربي، وبناء علاقات متينة مع الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية والإمارات، لم يشرح لماذا لم تفتح الرياض أو باريس أو واشنطن خزائنها لحكومة «الحرية والسيادة والاستقلال» التي طالما بشّر بها، كما لم يجد لائقاً أن يتطرّق في كلمته إلى إدانة العدو الاسرائيلي الذي كان يشنّ غارات على مناطق واسعة بالتزامن مع انعقاد الجلسة.
إلا أنه لم ينسَ، بالطبع، المطالبة بنزع سلاح الحزب، ليتمكّن من بناء الدولة، حتى لو فوق دماء شعبها.
واللافت أيضاً، كان هجوم الجميّل على حلفائه في القوات، بقوله إنه لا يريد تكرار شعار «ما خلّونا»، معتبراً أن الهدف ليس تسجيل النقاط الإعلامية، بل التحسين من داخل الحكومة.
ودعا إلى نقل أي ملاحظات أو اعتراضات إلى رئيسَي الجمهورية والحكومة في الغرف المقفلة، حفاظاً على التضامن الوزاري. أما النائب نديم الجميّل، فذهب أبعد من ذلك، حين صرّح من خارج القاعة بأن على وزراء القوات الاستقالة إذا كانوا يعترضون على أداء رئيس الحكومة.
فياض: هل المطلوب وضعنا في العراء؟
سريعاً، جاء الرد على لسان النائب علي فيّاض، الذي ميّز في مداخلته بين خطابيْن داخل المجلس النيابي: الأول، رغم الاختلاف معه، إلا أن فيه أرضية للتفاهم، كما في خطاب النائبة حليمة قعقور التي، رغم تحميلها حزب الله مسؤولية التأخّر في وضع استراتيجية لحصر السلاح بيد الدولة، طرحت أسئلة محقّة حول امتناع الحكومة عن التطرّق إلى الاعتداءات الإسرائيلية، ورفض الإملاءات الخارجية، مؤكدةً أن في لبنان من لا يزال يحتفظ بكرامته، ومشدّدةً على أن تسليم السلاح لن يحلّ مشكلة دولة عنصرية ترتكب إبادة جماعية يومياً، وأن الهدف يجب أن يكون تقوية الجيش لا طمأنة العدو.
أما الخطاب الثاني (النائب ميشال معوض)، فيستدل على عجز الدولة بعدم قدرتها على حماية القوات الدولية، لا في عدم قدرتها على حماية شعبها، من دون أي إشارة إلى الاعتداءات الإسرائيلية. وهذا المنطق، وفقاً لفياض، لا يتيح المجال لأي حوار، إذ يحصر مشكلة الدولة في موضوع السلاح.
وأشار إلى «أننا لم ننازع الدولة يوماً على سيادتها، من الخط الأزرق إلى التفاهمات وترسيم الحدود الاقتصادية وغيرها الكثير. لكنّ المقاومة نشأت في ظل غياب الدولة وعدم قدرتها على حماية أبنائها، وكلما مضت الدولة قدماً في تطوير قدرتها الدفاعية تراجعت الحاجة إلى الأدوات البديلة والاستثنائية».
وأضاف أن هذا المنطق «يغفل عن 14 قضية وطنية عالقة، أبرزها وقف الأعمال العدائية، الانسحاب من النقاط الخمس المحتلة، ترسيم مزارع شبعا واستعادة الغجر، حصة لبنان في نهر الوزاني، استرجاع الأسرى، إزالة العوائق أمام الاستثمار في الغاز، رفع الفيتو عن تسليح الجيش، عودة النازحين، منع التوطين، وضع حدّ للخروقات الجوية والبرية، والمباشرة بإعادة إعمار المناطق الجنوبية». وسأل فيّاض: «أين الضمانات لكل هذه الملفات؟
وهل يريدنا البعض أن نقف في العراء رغم التزامنا بما التزمت به الحكومة وتطبيقنا قرار وقف إطلاق النار الذي داس عليه الإسرائيلي وتراجع عنه الأميركي؟». وأضاف: «يريدون اتفاقاً جديداً ويتكلمون عن جنوب النهر.
كل ما يتجاوز جنوب النهر هو شأن سيادي نعالجه نحن والحكومة... هذا الضغط المستمر على الحكومة والعهد للاصطدام مع مكوّن لبناني وبيئة معينة لن يمر.
لم تصطدم الدولة مع جزء من اللبنانيين إلا ودفعت الدولة الثمن، فهل يريدون دفع الدولة نحو الاهتراء؟». وسأل فياض عن غياب الهيئة العليا للإغاثة ووزارة الشؤون الاجتماعية في ظل وجود 80 ألف عائلة جنوبيّة بلا مأوى، رافضاً «معاقبة الحكومة لشعبها الجنوبي».
من جهته، رأى النائب إبراهيم الموسوي أن من يدّعي صداقته للبنان عليه أن يقدّم للجيش اللبناني سلاحاً دفاعياً «على الأقل لإسقاط الزنّانة التي تحوم فوق رؤوسنا»، مضيفاً أن هناك قراراً سياسياً يمنع دعم الجيش، وأن من يظن أن العلاقة بين اللبنانيين تُدار بمنطق الغالب والمغلوب «خائن للبنان».
وختم بتوجيه انتقاد إلى وزير الاتصالات لتسرّعه في طرح ملف «ستارلينك»، محذّراً من أن الخطوة غير مدروسة، وتهدّد بتدمير القطاع، ومطالباً بإجراء مناقصة عادلة بدلاً من فتح الباب أمام الفوضى التقنية والانهيار في قطاع الاتصالات.
وقد بدأت جلسة مساءلة الحكومة بهدوء على عكس التوقّعات بسخونتها، نتيجة تململ القوى المشاركة في الحكومة من أداء رئيسها وبعض الوزراء، خصوصاً على خلفية اعتراض «القوات اللبنانية» على التعيينات، وعدم إطلاعها على مضمون المراسلة التي نقلها المبعوث الأميركي توم برّاك إلى الرؤساء الثلاثة.
ورغم أن خطاب النائب القواتي جورج عدوان اتّسم بالهدوء شكلاً، لكنه حمل في مضمونه انتقادات واضحة لأداء الحكومة التي يشارك حزبه فيها بأربعة وزراء. فاتهمها بالتقاعس عن إحالة مشروع التوازن المالي الذي يشكّل الأساس لأي إصلاح جدّي، مشيراً إلى أن آلية التعيينات بقيت حبراً على ورق، ولم يطّلع مجلس الوزراء كسلطة تنفيذية على أيّ من مراسلات برّاك، ولا على ردّ الدولة، ولا حتى على الردّ على الردّ.
وأشار إلى أن اللبنانيين أملوا لدى تشكيل الحكومة أن تتمكّن من استعادة قرار الدولة وهيبتها وسيطرتها على أراضيها، لكن «لا القرار استُعيد ولا السلطة فُرضت ولا الهيبة وُجدت». واعتبر أن من العبث انتظار الإصلاح وبناء الاقتصاد وقيام علاقات دولية في ظل عدم وضع مهلة زمنية لتسليم السلاح.
بموازاة عدوان، حاول نواب «مستقلون»، كمعوّض وبولا يعقوبيان، ملاطفة رئيس الحكومة عبر إشارة معوض إلى «إصلاحات» أنجزتها الحكومة كإقفال معمل كبتاغون واستدعاء سفير إيران ووقف العراضات المسلحة.
فيما اعتبرت يعقوبيان أن «الحائل دون قيام الحكومة بإصلاحات هو الدولة العميقة التي تحتاج إلى أشهر وربما سنوات لاقتلاعها».
في حين أثار كلام النائب الياس جرادي توتر زملائه «التغييريين» لدى تأكيده أن «السيادة لا تتطلّب جيوشاً، بل قرارات ورجالات يستدعون من أهاننا ودعوس كراماتنا». وشبّه لبنان بالمنتجعات، سائلاً أين وزير الخارجية والحكومة مما يحصل.
باسيل للقوات: «ما خلّوكم وما خبّروكم»
وفيما سأل النائب جميل السيد متهكّماً عما إذا كان الوزراء الحاضرون قرأوا ورقة برّاك، سخر من «توظيف مستشارين لدراسة ورقة حساسة ودقيقة سيستغلها العدو الإسرائيلي على الفاصلة». واعتبر النائب أسامة سعد أن «الوساطة الأميركية المنحازة إلى إسرائيل بمثابة مشروع ضغط على لبنان»، مشدّداً على «ضرورة الحوار وحتمية حصر السلاح بيد الدولة من دون تجاهل الاحتلال الإسرائيلي».
ورأى النائب جبران باسيل أن السلطة تقف متفرّجة على كلام يطاول لبنان ووجوده من دون أن تتخذ أي موقف. وأعاد التذكير بنفي البعض عام 2014 وجود داعش في لبنان، «إلى أن ذبح الدواعش العسكريين اللبنانيين.
واليوم يكررون السيناريو نفسه تحت حجة أن حزب الله يخوّف اللبنانيين بهم لتبرير سلاحه». وقال: «عندما يقول أحد النواب إن لدينا 15 ألف مقاتل لنواجه حزب الله، ويقول آخر إن النظام السوري سيقوم بنزع السلاح، تقدّمون ذريعة لحزب الله ليس فقط للدفاع عن لبنان من إسرائيل، بل ومن الإرهاب أيضاً».
وأكّد أن التيار «يدعم تسليم السلاح للدولة وليس نزعه، بل الاستفادة من هذه الورقة لتحقيق مكاسب وليس من خلال حفلة تحريض وحرب أهلية».
وتوجّه إلى «القوات اللبنانية» قائلاً: «نحن اتُّهمنا بأننا جماعة ما خلّونا أصبحنا أمام جماعة ما خبّرونا، وإذا كان الأمر يتعلق باتفاق مع الخارج فلرئيس الجمهورية الحق بإجراء المفاوضات ونحن مع هذا الحوار لكن مرّت 5 أشهر ولا نزال في مكاننا»، معتبراً أن «الحكومة حكومة ملء الشواغر بالمحسوبيات (...) تحدّثوا مراراً عن أنهم يريدون قانوناً لآلية التعيينات وعندما وصلوا إلى السلطة لم يعودوا يريدون لا قانوناً ولا آلية».
وحول توقيف المدير العام لكازينو لبنان رولان خوري اعتبر باسيل أن الحكومة «باتت تعتبر أن الإصلاح يكمن في تركيب الملفات، إذ لا تهمة فساد في حق خوري، وإذا كان ثمة خطأ إداري يجب محاسبة إنترا ووزارتي المالية والسياحة ومصرف لبنان وكل هيئات المراقبة الموافِقة على عقد المالية قبل محاسبته.
ويبدو أن الهدف محاربة الشرعي والإبقاء على غير الشرعي، وجريمة خوري أنه لم يوافق على إنشاء صندوق أسود وإعادة المجد إلى السوق السوداء».
ونظراً إلى ارتفاع عدد طالبي الكلام، رفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة المسائية لاستكمال بقية الكلمات في جلسة تُعقد اليوم.